3 أسباب دفعت الحكومة للتراجع عن إعفاء "الدواجن" من الجمارك
وسط حالة من الغموض سيطرت على قرار رئيس الوزراء شريف إسماعيل الأسبوع الماضي، بإعفاء الدواجن المجمدة المستوردة، من الضرائب الجمركية خلال الفترة من 10 نوفمبر الجاري، وحتى نهاية مايو 2017، جاء قرار إلغاء العمل بالقرار أشد غموضا، في الوقت الذي يتساءل فيه الجميع عن الذي غير موقف الحكومة من القرار خلال هذه الفترة الوجيزة؟.
وكان وزير المالية عمرو الجارحي، قد برر قرار الإعفاء بأن الغرض الأساسي منه، هو خفض الأسعار على المواطن، وخلق تنافسية بالسوق، وحماية المواطن والصناعة، فما الذي تغير في هذا الغرض أم أن الإلغاء لها أسباب مختلفة؟.
وقرر مجلس الوزراء، اليوم الإثنين، إلغاء العمل بقرار إعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية، بعد أسبوع من إصداره، مع مراجعة الموقف بشكل دوري.
وقال المجلس في بيان صحفي، إن إلغاء العمل بقرار إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك يأتي، لضمان تحقيق هدف الحكومة بضمان توفر السلعة بأسعار مناسبة باعتبارها سلعة أساسية.
وأضاف البيان أن التراجع عن القرار يأتي تأكيدا على حرص الحكومة على تشجيع وحماية الإنتاج المحلي، وإتاحة المجال كاملاً لمنتجي الدواجن في مصر لتوفير احتياجات السوق بشكل منتظم وأسعار مناسبة.
ويأتي هذا القرار بعد أن شكل مجلس الوزراء في اجتماعه السبت الماضي، برئاسة شريف إسماعيل، مجموعة عمل لرفع توصيات مناسبة من أجل اتخاذ قرار "في القريب العاجل" بشأن مسألة إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك.
الضغط والمصالح
وأكد المراقبون أن هناك 3 أسباب دفعت الحكومة للتراجع، الأول: الضغط الكبير التي تعرضت لها الحكومة سواء من المنتجين بمزارع الدواجن ووسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة إلى شبهة الفساد التي ارتبطت بالحكومة ورجال أعمال مقربين منها، وتلخص السبب الثالث هو مخاوف الحكومة من الأضرار التي قد تصيب الاقتصاد الوطني جراء هذا القرار.
وقال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، واستاذ التمويل، إن جماعات الضغط والمصالح تحاول أن تفرض سياسات مواتية لأهدافها وهذا أمر طبيعي لكن المستهلك يظل هو الحلقة الأضعف في منظومة السوق.
وشكك "نافع" في أن القرارات التي يتم التراجع عنها ربما تكون الأفضل بالنسبة للمستهلك لأن جهة لا تقف خلف القرار لتدعم استمراره وربما كانت هذه إحدى المرات القليلة التي تحركت فيها الحكومة قبل وقوع الأزمة الموسمية المرتبطة بأنفلونزا الطيور وفتحت خلالها سوق الاستيراد بغير جمارك لتخفيض سعر المنتج على المستهلك النهائي والذي عادة ما يعاني في هذا الموسم من ارتفاع أسعار الدواجن ومنتجاتها وبالتالي المنتجات البديلة من البروتين الحيواني.
المستهلك الضحية
وأضاف الخبير الاقتصادي، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الباكون على الصناعة المحلية والإنتاج الداجني الوطني عليهم أولاً توفير مدخلات الإنتاج محلياً عوضاً عن الاعتماد على الاستيراد ما لا يقل عن ٨٠%.
وتساءل هل من المنطقي أن ترفع الحكومة الجمارك عن كل مدخلات الإنتاج مخاطرة بإمكانية تسربها خارج الصناعة وتخاطر بنسبة فاقد كبيرة في الإنتاج بسبب العدوى الموسمية، بدلاً من تحرير سعر المنتج النهائي مباشرة من الجمارك في دعم مباشر للمستهلك؟!.
فيما طاب بجمعيات واتحادات نشطة لحماية المستهلك على غرار المستوردين والمنتجين لحين عودة مجلس النواب لدوره في خدمة مصالح جمهور الناخبين.
عشوائي وغير مدوروس
ومن جانبه قال الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، إن القرار محمود وصائب لأن القرار الأول كان عشوائي وغير مدوروس، مضيفا أن المبررات التي طرحتها الحكومة لقرار إلغاء الجمارك غير سليمة وغير واقعية.
وطالب "السيد"، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" الحكومة بوضع مشاكل الصناعة الداكنة ضمن أولوياتها ولذلك للنهوض بالثروة الداجمة في مصر، مؤكدا أن إلغاء الجمارك لن يخلق تنافسية بالسوق كما قال وزير المالية، بل يجب العمل على تطوير الصناعة لنقوم بالتصدير وليس الاستيراد.
وقال بيان مجلس الوزراء إن الحكومة اتفقت مع اتحاد منتجي الدواجن على توفير كميات شهرية، تصل إلى 2000 طن، بأسعار مدعومة يتم توزيعها في المناطق الأكثر احتياجا على مستوى الجمهورية.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء اليوم قراراً بتشكيل لجنة برئاسة وزير الزراعة وعضوية وزير التموين وممثلين عن اتحاد الصناعات واتحاد منتجي الدواجن، بهدف العمل على تحقيق الاستقرار في السوق المحلي والاكتفاء الذاتي من الانتاج والنهوض بصناعة الدواجن.
استيعاب الخطأ
في المقابل قال محمد الشافعي رئيس شعبة الدواجن باتحاد الصناعات، لـ"مصر العربية" تعليقا على تراجع الحكومة إن الحق عاد إلى أصحابه بهذا القرار، موضحا أنه أجتمع برئيس الوزراء الخميس الماضي لتوضيح سلبيات قرار الإعفاء، معتبرا أن القرار جاء نتيجة لاستيعاب الحكومة خطأ القرار الأول.
جدير بالذكر أن الإنتاج الداجني في مصر يواجه عدة مشاكل، أبرزها انتشار فيروس إنفلونزا الطيور، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف ودفع جمارك على المستورد منها، وكذلك ارتفاع سعر الطاقة حيث تعامل الحكومة مزارع ومجازر الدواجن على أنها منشآت صناعية.
ويصل حجم إنتاج الدواجن في مصر سنوياً إلى مليار دجاجة، وبحجم استثمارات يتجاوز 25 مليار جنيه، ويعمل بها أكثر من مليوني عامل، ويتراوح عدد أفراد أسرهم ما بين 6 و8 ملايين فرد، بحسب الغرفة التجارية.
شبهة فساد
وكانت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب قد شنت هجومًا واسعًا على قرار الحكومة بإلغاء الجمارك على الدواجن المستوردة، حيث أكد النائب مدحت الشريف وكيل اللجنة فى الاجتماع الذى عقد اليوم، برئاسة عمرو الجوهرى وكيل اللجنة أن هناك شبهة فساد واضحة فى القرار تتطلب تشكيل لجنة تقصى حقائق.
وأكد النائب عمرو الجوهرى وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أن الحكومة لم تقدم تفسيرا واضحا ومقنعا لقراراتها، وقال أن هناك تضاربا كبيرا فى القرارات وتخبطا فى السياسات، كما طالب الدكتور محمد عبد الحميد بعودة الحكومة عن قرارتها التى وصفها بالمتعجلة وغير المدروسة.